الخميس، 10 فبراير 2011

الوردة الحمراء العجيبة

لست من هواة جمع الورود، وإن كنت أعيرها اهتماما بين الحين والآخر، غير أن وردة حمراء غريبة الأطوار صادفتني على غير موعد مني.. لعلك أخي القارئ تتساءل عن سرّ الغرابة في هذه الوردة الجميلة..
الغرابة أنها وردة تختلف عن بقية الورود .. وردة متحجبة.. نعم متحجبة لا بملاءة من الحرير بل بدولار.. لم أعرها انتباهي في بادئ الأمر.. ولكنها ظلت تستفزني في كلّ مرة ألتقيها وتطلب صداقتي وبعد لأي قبلتها صديقة لي ودار بيني وبينها حوار أبيت إلا أن أنقله إليكم لتعلموا أن للورد لغة يمكن لبني الإنسان أن يفهموها إذا ما أصغوا
- الوردة: السلام عليكم أستاذنا الكريم
- وعليكم السلام، هل لي أن أعرف مخاطبتي؟
- مخلوق ضعيف يرجو من الله حبا لا غير.  
- كلنا نرجو من الله حبا، ولكني أريد أن أعرف من يخاطبني بكل هذا الاحترام.
- أنت صاحب الفضل ومن أنار دربي، أنت الفخر امض فأنت على صواب ولكن لا تحرجني أرجوك فأنا أتخفى وأخشى الرياء .
- كلامك يزيدني شوقا في أن أتعرف عليك .. عرفت الكثير من الناس يختفون وراء أسماء مستعارة وأقنعة وصور مزيفة للوصول إلى أهدافهم... فلماذا تختفين أنت ؟؟
- نعم .. أولئك لا شرف لهم .. طبعوا على النفاق يمدحونك إذا كنت معهم، ويعيبونك إذا غبت عنهم ويكيدونك ..
- مدحهم لن يزيدني شيئا، وذمهم لن ينقص مني شيئا .. ولله الأمر من قبل ومن بعد وهو الغالب على أمره.. وحسبي الله ونعم الوكيل.
- لا أشك أبدا في رؤيتك، وما أتاك الله من حكمة.. واعتدال والتزام
- لا فضل لي في ذلك كله.. إن هو إلاّ محض جود لا كثرة مجهود كما يقال.
- لكنّ صدري يضيق بمخاطبتك من لا يعرف نقاشا أو تواصلا.
- صدقت أيتها الوردة، ما قلت إلا حقا وصدقا.
- أنا أريد أن أوفيك التبجيل يا معلم.
- أيتها الوردة لا أريد جدالا لا طائل من ورائه ينحدر بي إلى الحضيض.. خلقي ينأى بي عن الانحدار إلى هاوية الإسفاف
- المؤمن كيس فطن، يرى بنور الله، والحكمة ضالة المسلم، فالتزم شرع الله ولا يغرنك بالله الغرور.. ولئن فعلت كنت من عباد الرحمان.
- كلامك أيتها الوردة.. يصل إلى القلب زادته هذه الحمرة إيحاء ومعاني .. ومع ذلك فأنا أشعر إني أكلمك من وراء حجاب..
- هههه أنت تثبت لي أنك معلمي بالفعل، أتعلم ما معنى ذلك ؟
- تقول الأغنية: شوف الورد واتعلم... وأنا أريد أن أتعلمّ منك
- سيدي الكريم الناس صنفان :صنف يعجب بالظاهر وآخر يعجب بالباطن، ولكن الظاهر يبلى والباطن يبقى .. لي إليك طلب سيدي ...
- هل أفهم أن كلامك السابق استدراج لهذا الطلب ؟
- إطلاقا .. ولكني تذكرت الشباب.. حال شبابنا
- شبابنا يعز عليّ فعلا ..إنه يذكرني بأيامي الخوالي فليت الشباب يعود
- يوما وأخبره ما فعل المشيب..
- أيتها الوردة ؟ لم استبدلت الفاء واوا ؟ (فأخبره.. )
- لكنك شاب قلبا.. فلا يهمك جسد شاخ فروح الشباب له حاملة.. قصدت نصحه وتشجيعه.
- فعلا أنا أعيش يوميا مع الشباب وقد أعاد إلي بعضا من الحيوية التي فقدتها.
- هههه قلت لك ..أستاذي إن الشباب اليوم تساوره الشكوك.. فقد الثقة في وجود الخير.. والحقيقة غائبة ..فالتمس له العذر.
- أنا اخترت طريق الإصلاح ما استطعت إلى ذلك سبيلا وما توفيقي إلا بالله
- إرضاء الناس غاية لا تدرك فلا تستسلم مادام هدفك الفوز بحب الله،ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ واعلم أن التاريخ يصنع ولا يعطى ولك أن تجالس كل حكيم
- حبّ الله في الاستقامة على المنهج والنصيحة لله ورسوله وللمؤمنين، وأما الشباب فهم في قلبي وعقلي ورغم صعوبة مهمة توجيههم فلن أستسلم .. ولكن الأمر يتطلب الظهير والنصير ممن لا يختفون وراء الورد والدولارات
- كأنك تعنيني ..أنا مع الخير حيث كان ولن أعرض عنه ما حييت .. أحجم عن الخوض في الخديعة والنفاق والشتم وذاك ما يجب أن يتحلى به المسلم.
- أصدقك القول أيتها الوردة أنك جعلتني كمن يقرأ رواية كلما أوشكت فصولها على الانتهاء تشابكت خيوطها من جديد وتعقدت ونأت عن الحلّ..
- ههههه ..أنا تلميذتك.. أعتز بذلك ولا يساورني ضعف في شخصيتي. .أنت علمتنا أنّ الأمم أخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا..وأنا لا أريد أن أذهب ..
على كلّ جازاك الله خيرا على تواضعك وقبول صداقتي ..وعلي الآن أن أغادر فقد حان وقت العصر...
أستودعك الله وأتركك في رعاية الله وحفظه .....
غادرتني الوردة ذات اللون الأحمر القرمزي القاتم، وتركتني في حيرتي ولم تسفر عن وجهها.. ولكنيّ تعلمت منها الكثير.. فقد منحني لونها الإحساس بالدفء، وساعدني على التخلص من الرتابة، وزادني حيوية..
غادرتني وقد حملتني مسؤولية تنوء بحملها الجبال الشمّ الرواسي ..فشكراً لك أيتها الوردة الحمراء..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق