الأحد، 13 فبراير 2011

في ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم


                                                                       بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.
                                          اللّويحة والمسيحة والسبيحة
                                    من كلام سيدي الحاج علي التماسيني  


مضمون هذه الكلمات البسيطة عميق وعميق جدّا ذلك لأنّها تلخّص ثلاثا من أهمّ القيم الّتي يعيش عليها بنو آدم وبها تنبني الحياة وعليها يقوم صرح الأمم، إنّها العلم والعمل والعبادة.
ففي عصر تنكّر كثير من أهله للعلم، وجعلوه في آخر درجات سلّم القيم الاجتماعية، تسعى الزّاوية التجانية إلى إعادة الاعتبار للعلم من خلال سعي الخليفة  سيدي محمد العيد  الّذي ينطبق عليه قول الشّاعر:
وشموس وضّاءة ونجـــــــوم

***

تنثر النّور في الفضاء البعيــد
إذ منذ تولّيه الخلافة ما فتىء يعمل على تحقيق هذا الهدف الأسمى، ولا أدلّ على ذلك من إنجازه صرحا علميّا ثقافيا جهّزه بوسائل علميّة حديثة لعلّ أهمّها أجهزة الإعلام الآلي إلى جانب المكتبة العامرة الزاخرة بآلاف الكتب القيّمة والعناوين الهامّة الّتي سيجني ثمارها اليانعة كلّ زائر لها، ويروي ظمأه كلّ من ورد منهلها العذب، ويكتشف كنوزها كلّ من أبحر في عوالمها. وبذلك تتحقّق أولى المعطيات في معادلة سيدنا الحاج علي التماسيني ـ اللويحة ـ فالله سبحانه وتعالى فرض علينا العلم والتّعلّم(اقرأ باسم ربّك الّذي خلق) ولا يتأتّى تحقيق هذا المبدإ إلاّ بالمطالعة الجادّة الّتي تمكّننا من اكتساب المعرفة وفهم الحياة والوصول إلى الحقيقة.
وتماشيا مع هذا المبدإ الإلهي، كانت الدّروس الرّمضانية الّتي يشرف الشيخ بنفسه على تقديمها كلّ ليلة طيلة الشهر الكريم، وفي هذا المضمار أيضا يندرج الاحتفال بمولد الرّسول الأعظم الّذي دأبت الزاوية التّجانية على الاحتفال به ومظاهر الابتهاج والفرحة الّتي تعوّد الأحباب إضفاءها على هذا اليوم الأغرّ.

 وبهذه المناسبة العظيمة تتلى سيرة المصطفى عليه السلام لعلها تساهم في إيضاح صورة القدوة الذي يجب أن يتبع وتنير السّبل أمام الحيارى التّائهين، الضّائعين في متاهات المشارب والأهواء. } قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ{  





 


السبت، 12 فبراير 2011

ساعة المجد / بقلم الشاعر محمود عياشي

نوفمبر شهر البطولات والأمجاد، ملهم الشعراء والكتاب، ومن الشعراء الشباب الشاعر الشاب محمود عياشي الشاعر الواعد الذي حرك نوفمبر همّته، وأثار موهبته وشاعريته، فجادت قريحته بقصيدة أهداها إلى الشعب الجزائري ممثلا في سكان بلدية تغزوت أثناء الاحتفال بثورة نوفمبر بدار الشباب سنة 2009 فإليكم القصيدة ونحن في انتظار نقدكم ولتكن هذه القصيدة صفحة للإبداع مفتوحة لكل مبدع مُلهَم:
***
ساعة المجـــد

بمناسبة الذكرى55 لثورة نوفمبر المجيدة

ساعــــــة الصفر،إصبع فوق الزنـــــــادِ
*
فوهة التاريخ بالمجْد تنـــــــــــادي
قدر أنزل من أوراسـنــــــــــــــــــــــــــــا
*
سورة النـصر بآيات الجهـــــــــــاد
ويدٌ تدعـو،وأخرى كفكفــــــــــــــــــــــتْ
*
ليـــــل ظلم من على تلك الأيــــادي
طلْقــــةٌ،تكبــــــــــــيرةٌ،زغـــــــــــــرودةٌ
*
صـــرخةٌ،أنشــودة من فم حـــــــادِ
طائــــــــراتٌ،مدفعيّــــــَاتٌ ،وفلـــــــــــكٌ
*
تــــركت بـــــــارودها محض رمـاد
فـــــــترى الرشّــَاش يغلي غضـــــــــــباً
*
جمرات أحــــرقت ثوب الســــــواد
قلمــــــــــــاً خطَّ دمـــــــــاً في صفحـــــةٍ
*
ِ فضحتْ أحــرفه جــــــور الأعادي
وغـــــــــدا الغــاصب في تفنيدهــــــــــــا
*
هازئــــا يحْرق أعصـــاب البـــــلاد
كـــــم محــــــا نعــلٌ له من أحْــــــــــرف
*
نقشَتْهــا يــدُ محـــفورِ الفـــــــــؤاد
أضـــــــرمتْ أوراسَ أشْبــــالُ الفــــــدى
*
وأحالتْها جحـيما الأعـــــــــــــــادي
فتح الفاتح من نوفمبــــــــــــــــــــــــــــرٍ
*
باب تــــــاريخ إلى المجد مهــــــادِ
وغـــــــــــدت ثورتنـــــا من بعــــــــــد ه
*
مَعْــــلَم المضطرِّ في كــل اضطهـاد
قـــــامتِ الدُّنيا لها مزهــــــــــــــــــــــوَّةً
*
لانفجــــارٍ مَن على الأرض حيادي
فحصدنا الخلْد والنَّصْـــــــر جميــــــــــعاً
*
سنـواتٍ سبــعَ مِنْ قبل الحصــــــاد
أسمَعَـــــتْ ثــــــــوَّارُها زلزلــــــــــــــــةً
*
ثمَّ أهـدينـاهما اليومَ بـــــــــــــلادي


محمود عياشــــــي

كلمة سيدي احميدة ينبعي في الذكرى العاشرة لبايعة الشيخ سيدي محمد العيد التجاني التماسيني بالخلافة


بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي احميده
الحمد لله الذي أنار الوجود بطلعة سيد الكائنات فأزاح بها ظلمات الشك من قلوب الصفوة المختارة، لهداية المخلوقات ، واصطفى منهم طائفة جعلهم مرشدين في أحلك الأوقات أولئك الذين هداهم الله فبهدلهم اقتده.فمن استنصرهم نصره الله ومن استهداهم هداه الله، ومن اعتزّ بهم أعزّه الله، أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.

وقال عليه الصلاة والسلام: " لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتي أمر الله" ولا زالت هذه الطائفة تدعو على سبيل السّلام " ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة" حتى ظهر المرشد الأكبر والممدّ الأعظم القطب الكامل سيّدنا ومولانا أحمد بن محمّد التجاني عام 1150هـ رافعا اللّواء على رؤوس الأشهاد داعيا الخلق إلى الهدى والرّشاد فلبّى نداءه العلماء والأعلام، والصفوة الكرام أوضحوا السبيل، وداووا العليل، فتبعهم من خلق الله من كان نصيبه الاجتباء، ولا زال حبل الهداية ممدودا لمن كان له نصيب.
واختار اللهُ من الأتباع خلفاء أمناء جعلهم منارات في الطريق في حياة الشيخ وبعد مماته، وما أن لحق الشيخ بالرفيق الأعلى ولبّى نداء ربّه ترك خليفة من بعده بإذنه وإذن رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم رافعاً اللّواء الأعظم حمْدا وشكْراً لله.
ثم نادى هذا الخليفة على رؤوس الأشهاد بأنّه الوارث لِما كان ليبقى كما كان، فحظي بالقبول كلّ من له في الحظّ قبول حتّى لبّى داعي ربّه كما هي سنّة الكون، فترك من بعده خليفة سار بسيره واهتدى بهديه فخضعت له رقاب أهل الصفا حتى لحق بربّه وترك من بعده خلفاء كانوا على العهد الذي كان عليه فساروا بسيره حتى جاء دور الشيخ المجدّد سيدي محمد حمّه فانبهر الازدهار، واتّسع الانتشار، وأينعت الأشجار، وتفتّحت الأزهار فعمّ طيبُها جميع الأقطار، فكلّ من هبّ عليه نسيمها انتعش وهبّت فيه الحياة بعد الممات، حتى لحق بأسلافه مرضيا عليه.
فخلفه ابنه القطريف صاحب الحال النظيف الشيخ سيدي البشير فكانت أيّامه خصبة ما بها شاكل ولا عجفاء حتى لحق بأسلافه، فخلفه ابنه سيدي العيد الثاني فكان غيورا عن الدّين محافظاً على الشريعة لا يقبل الشذوذ واقفاً على الحدود أمْراً ونهْيا وعملاً، قضى طفولته في طلب العلم فكان زاهداً تقيّا ورعاً خبيراً بشؤون الحياة حتى لحق بربّه وأنِسَ بقربه مرضيّاً عليه.
فخلفه عمّه المجدّد الثاني خليفة الدارين الشيخ سيدي أحمد فرفع علم الطريقة عاليا فأهابه كلّ جبّار، وطأطأ رأسه من في قلبه إنكار، فكان حكيم زمانه ووحيد عصره وأوانه حتى لحق بربّه كأسلافه مرضيّاً عليه.
سيدي البشير الثاني
فخلفه الشيخ سيدي البشير الثاني صاحب التجديد العظيم، والنظر السّديد، مجدّد الزاوية على النّمط الحديث مواكباً للعصر سائراً بسيره مع المحافظة على ما تركه الأسلاف من أعمال وآثار وأمجاد خالدة فكانت بصيرته نافذة لا يقابل أحدا بما يكره، شيمته الحياء، والعفو، والعفة حتى لحق بربّه كأسلافه.
سيدي محمد العيد
خلفه ابنه الشيخ سيدي العيد حامل لواء العلم والتجديد فها هو اليوم قائد للمسيرة بحكمة رشيدة وبراعة فائقة: فتح المدارس، وشيّد لها الأبنية المناسبة، وهيّأَ لها ما يتطلّبُه الحالُ من إعَانة وتشجيع وحيث أن لكلّ حكيم حكماء أمناء يعينونه على أعباء الزمان فعليه الأمر وعليهم السمعُ والطاعة، فلا أمْر فوق أمرِه، ولا نَاهيَ غيْرَهُ في هذا المجال، فهو صاحب الوقت والأوان.والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه
وحيث أنه النائب الأكبر في الزمان، الحامل لما كان عند الأسلاف بلا خلاف، وليس لأحد أن يزن أعمال الشيخ وأفعاله بميزان عقله الأعشى، وأن مرآة المنظار مختلفة فالسعيد من صفا منظاره وصفت سريرته، ربح دنيا وأخرى، ومن تغيّر منظاره يرى الشيخ حسب رؤيته الخاطئة فكان مخطئا فهكذا يقع الخلاف من بعض من لا علم لهم .
فليسلم الأمر لأهل القيادة من القادة، وليكن على حذر من الخروج من الصّف فإنّ الخارج منه إلى التّلف.
فكونوا أيّها الأحبابُ صفّاً واحداً متماسكاً وراء القائِد الأعظم الّذي اختارته العناية الإلهيّة ليكون صاحب الوقت. فهو السّائر بسيْره فكلّ نبيّ أو رسول أو خليفة أو أمير فلا بدّ له من حلّة الزّمان والثوابت الشّرعيّة باقية على عهدها كما كان، لا تبديل ولا تغيير لكلمات الله ، فالسنة والكتاب هما المرجع والمآب.

الجمعة، 11 فبراير 2011

تصوري للشباب الأحمدي


تصوري للشباب الأحمدي
أيها الإخوة ونحن على طريقتنا الغرّاء التي تعتمد على فقه مذهب الإمام مالك من واجبنا أن نسعى لنتفقه أكثر في الدّين ( فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدّين) بمطالعة مؤلفات الإمام والتعرف عن قرب على مذهبه، وكل الكتب التي تفيدنا في دعم أفكارنا، وإنارة دربنا لمواجهة الصّعوبات التي تعترض سبيلنا، فطريقتنا طريقة علم وعمل وعبادة،
والإمام التماسيني (ض) قال: اللويحة والمسيحة والسبيحة ولم يقيد ذلك بزمن بل جعله إلى آخر العمر: حتى تخرج الرويحة ، وهو ما لا يتنافى مع الحديث الشريف أو يتعارض معه فقد قال رسول الله (ص) : (اطلب العلم من المهد إلى اللحد).
ومع ذلك فما زالت نظرة شبابنا لم ترق إلى المستوى المطلوب، المؤسف أنّ أكثرية شبابنا يعزفون عن المطالعة والقراءة مع أن الخليفة سيدي محمد العيد ما فتئ يحث على المطالعة ويؤكّد عليها لأنها النافذة التي يطلّ منها المرء على أفكار الغير وآرائهم وثقافتهم وتجاربهم.
من المؤسف أيضا أن يبقى هذا الشباب مفرّقا مشتتاً، في حين رصّت الصفوف لمحاربته، وهو غير مبالٍ يكتفي بعبارة (كثر خير الشيخ) يلوكها دون أن يحرّك ساكنا، في الوقت الذي يطلب منه الشيخ أن يسعى من أجل لمّ شمله والتوحد حول هدف واحد، وتسخير إمكانياته خدمة لدينه ووطنه.فـ:  
 فاشفوا غليلي برأي منكم حصـد 
        يصبح فؤادي له ريّان قد سطعا

إنّ تصوّري للشابّ الأحمدي أن يكون مثالاً في الخلق يحفظ لسانه عن فحش القول، ويعرض عن اللغو، ولا أحبّ منه أن يتشدّق بانتسابه للطريقة وهو يرتكب ما يرتكب من المعاصي، بدعوى أنه مضمون وأنه سيدخل الجنّة مهما ارتكب من الإثم،  ومهما جأر بالمعصية الأمر الذي يجرّ عليه، وعلى طريقته الانتقاد، في حين أنّ الشيخ يأمره:
أن يحافظ على الصلوات في أوقاتها.
أن يحافظ على الجماعة ما أمكنه ذلك 
ويرتل القرآن وأقلّه حزبين في اليوم.
مع الخوف الدّائم من مكر الله
وهذا يتطلّب منه المراقبة الدّائمة لأقواله لأنه (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) وقوله (ص) لمعاذ بن جبل: ( وهل يكبّ الناس على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم)، وقوله (ص): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، ومراقبة أفعاله فلا يصدر منه إلاّ كلّ جميل مفيد.

 وأحبّ منه أن يكون على وعي بما يدور حوله ويشعر بمسؤوليته تجاه طريقته فهو داعية إليها بسلوكه والناس يحكمون عليها من خلال تصرفاته وتعامله معهم في السوق وفي الشارع وفي المدرسة وفي البيت وفي كلّ مكان، يجب أن تنعكس عبادته ويتجلى ذكره قياما وصياما في سلوكه لأن: (إن الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فيجب أن يكون مرآة صافية تعكس بحق مبادئها، ويجسد قيمها ولا يسيء إليها.وأن يعرض عن المغرضين الجاهلين الذين يصفونه بالشرك أو الكفر وأقول له:
أكافر من بات لله ساجداً
في الرغام أنفه يتعفّر؟
وأصبح يرقب الشمس طلوعها
جالسا وهو يذكر
ألان الذكر قلبه
فإذا عيناه دموعاً تطفرُ
وإذا سكينة تغشاه 
 ورحمة عليه تنشر
أم من تعالى عن الإله
يحركه الجحود والبطر
غاب عنه الإحساس
والقلب ميت لا يشعر
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويلهمنا  رشدنا وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويتقبل منا الصيام والقيام.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
  

زيارة الخليفة العام


زيارة سنويّة يقوم بها شيوخ عين ماضي، وكان الجميع يلاقي ترحيبا منقطع النظير من خليفة الديار التماسينية، ومن أبناء سيدي الحاج علي بتماسين وجميع الأحباب الذين يتقاطرون من كلّ حدب وصوب لينعموا برؤية طلعته البهيّة، ويلاقي ترحيبا مماثلا في جميع المناطق التي يحلّ بها في أنحاء سوف خاصة تغزوت التي تتهيأ لهذا الاستقبال منذ خروج الشيخ من عين ماضي، ويبدأ الاحتفال عند مغادرته تماسين، وحين يصل يجد الأحباب رجالا ونساء، كبارا وصغارا، كلهم قد تجمّعوا في المكان المعروف بالبرج، وهي ساحة محاذية لمسجد سيدي العيد بتغزوت، فتختلط أصوات البارود،  بالزغاريد، وترتفع أصوات المنشدين والمداحين،  ويستمرّ هذا الاحتفال طيلة الأيام التي يقيمها بينهم، فلا ينقطع توافد الزوار من الرجال والنساء والأطفال من تغزوت وخارجها، ولا تنقطع حلقات المدح، كما تقام المآدب التي يحضرها كلّ قادم لزيارة الشيخ، وينفق مقيموها بسخاء، ويتبارون في إظهار الحفاوة بالشيخ بإكرام أحبابه وزواره، خاصة سيدي احميدة بن سيدي العيد الينبعي الذي تفتح داره ـ المفتوحة دائما ـ في وجه الضيوف ، ويحظون منه ومن أبنائه بترحيب وإكرام يعجز اللسان عن التعبير عنه، والقلم عن وصفه، ولسان الحال منهم يردد( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُوراً).

هذا الاحتفال وهذا الترحيب نابع من إحساس أبناء سيدي الحاج علي بمكانة الشيخ وأبنائه، ونابع من إحساس شيخ تماسين على الدوام بضرورة الحفاظ على أبناء الشيخ سيدي أحمد التجاني عملا بوصيته المشهورة للشيخ سيدي الحاج علي التماسيني الساري سرّها إلى يوم يبعثون،

لذلك جرت العادة أن شيخ تماسين يُعْلمُ قبل الشروع في هذه الزيارة بموعدها حتى يتسنى له وللأحباب القيام بالواجب على أحسن ما يرام، وإكرام الوافدين من ربوع عين ماضي حسب ما يليق به المقام، ويتحقق به المرام.

الشيخ سيدي محمد العيد يوصي مقدميه


عقد الشيخ سيدي محمد العيد التجاني التماسيني اجتماعا بتاريخ: الاثنين 16/02/ 1428 هجري الموافق 05/03/2007 م، بمنزل سيدي الطاهر بن سيدي حمزة بن سيدي العيد الينبعي بتغزوت.

جمعه ببعض مقاديم الطريقة التجانية.

الهدف: إعلام وتوعية وموعظة ونصح.

أهم النقاط التي أشار إليها الشيخ:

- لا بدّ من التيقظ والحذر، ممن بهدف إلى إثارة الفوضى والبلبلة في وسط الأحباب والإساءة إليهم وضرب وحدتهم.

- بوحدتنا ووقوفنا صفا واحدا، نتمكن من منع من يحاول ذلك من تحقيق ما يطمح إليه.

- على مقدمي الطريقة أن يعملوا أكثر على النهي عن بعض الأمور والمنكرات وبحزم رغم أن ذلك قد يكون صعبا في بعض الأحيان ولكنه أمر لا بدّ منه.

- أن لا يبقى بعض المقدمين متهاونين في هذه الأمور.

- الاستقامة وعدم إيذاء الغير والاعتداء عليهم.

فهلاّ اتعظنا؟؟ وهلاّ أطعنا؟؟

الخميس، 10 فبراير 2011

الوردة الحمراء العجيبة

لست من هواة جمع الورود، وإن كنت أعيرها اهتماما بين الحين والآخر، غير أن وردة حمراء غريبة الأطوار صادفتني على غير موعد مني.. لعلك أخي القارئ تتساءل عن سرّ الغرابة في هذه الوردة الجميلة..
الغرابة أنها وردة تختلف عن بقية الورود .. وردة متحجبة.. نعم متحجبة لا بملاءة من الحرير بل بدولار.. لم أعرها انتباهي في بادئ الأمر.. ولكنها ظلت تستفزني في كلّ مرة ألتقيها وتطلب صداقتي وبعد لأي قبلتها صديقة لي ودار بيني وبينها حوار أبيت إلا أن أنقله إليكم لتعلموا أن للورد لغة يمكن لبني الإنسان أن يفهموها إذا ما أصغوا
- الوردة: السلام عليكم أستاذنا الكريم
- وعليكم السلام، هل لي أن أعرف مخاطبتي؟
- مخلوق ضعيف يرجو من الله حبا لا غير.  
- كلنا نرجو من الله حبا، ولكني أريد أن أعرف من يخاطبني بكل هذا الاحترام.
- أنت صاحب الفضل ومن أنار دربي، أنت الفخر امض فأنت على صواب ولكن لا تحرجني أرجوك فأنا أتخفى وأخشى الرياء .
- كلامك يزيدني شوقا في أن أتعرف عليك .. عرفت الكثير من الناس يختفون وراء أسماء مستعارة وأقنعة وصور مزيفة للوصول إلى أهدافهم... فلماذا تختفين أنت ؟؟
- نعم .. أولئك لا شرف لهم .. طبعوا على النفاق يمدحونك إذا كنت معهم، ويعيبونك إذا غبت عنهم ويكيدونك ..
- مدحهم لن يزيدني شيئا، وذمهم لن ينقص مني شيئا .. ولله الأمر من قبل ومن بعد وهو الغالب على أمره.. وحسبي الله ونعم الوكيل.
- لا أشك أبدا في رؤيتك، وما أتاك الله من حكمة.. واعتدال والتزام
- لا فضل لي في ذلك كله.. إن هو إلاّ محض جود لا كثرة مجهود كما يقال.
- لكنّ صدري يضيق بمخاطبتك من لا يعرف نقاشا أو تواصلا.
- صدقت أيتها الوردة، ما قلت إلا حقا وصدقا.
- أنا أريد أن أوفيك التبجيل يا معلم.
- أيتها الوردة لا أريد جدالا لا طائل من ورائه ينحدر بي إلى الحضيض.. خلقي ينأى بي عن الانحدار إلى هاوية الإسفاف
- المؤمن كيس فطن، يرى بنور الله، والحكمة ضالة المسلم، فالتزم شرع الله ولا يغرنك بالله الغرور.. ولئن فعلت كنت من عباد الرحمان.
- كلامك أيتها الوردة.. يصل إلى القلب زادته هذه الحمرة إيحاء ومعاني .. ومع ذلك فأنا أشعر إني أكلمك من وراء حجاب..
- هههه أنت تثبت لي أنك معلمي بالفعل، أتعلم ما معنى ذلك ؟
- تقول الأغنية: شوف الورد واتعلم... وأنا أريد أن أتعلمّ منك
- سيدي الكريم الناس صنفان :صنف يعجب بالظاهر وآخر يعجب بالباطن، ولكن الظاهر يبلى والباطن يبقى .. لي إليك طلب سيدي ...
- هل أفهم أن كلامك السابق استدراج لهذا الطلب ؟
- إطلاقا .. ولكني تذكرت الشباب.. حال شبابنا
- شبابنا يعز عليّ فعلا ..إنه يذكرني بأيامي الخوالي فليت الشباب يعود
- يوما وأخبره ما فعل المشيب..
- أيتها الوردة ؟ لم استبدلت الفاء واوا ؟ (فأخبره.. )
- لكنك شاب قلبا.. فلا يهمك جسد شاخ فروح الشباب له حاملة.. قصدت نصحه وتشجيعه.
- فعلا أنا أعيش يوميا مع الشباب وقد أعاد إلي بعضا من الحيوية التي فقدتها.
- هههه قلت لك ..أستاذي إن الشباب اليوم تساوره الشكوك.. فقد الثقة في وجود الخير.. والحقيقة غائبة ..فالتمس له العذر.
- أنا اخترت طريق الإصلاح ما استطعت إلى ذلك سبيلا وما توفيقي إلا بالله
- إرضاء الناس غاية لا تدرك فلا تستسلم مادام هدفك الفوز بحب الله،ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ واعلم أن التاريخ يصنع ولا يعطى ولك أن تجالس كل حكيم
- حبّ الله في الاستقامة على المنهج والنصيحة لله ورسوله وللمؤمنين، وأما الشباب فهم في قلبي وعقلي ورغم صعوبة مهمة توجيههم فلن أستسلم .. ولكن الأمر يتطلب الظهير والنصير ممن لا يختفون وراء الورد والدولارات
- كأنك تعنيني ..أنا مع الخير حيث كان ولن أعرض عنه ما حييت .. أحجم عن الخوض في الخديعة والنفاق والشتم وذاك ما يجب أن يتحلى به المسلم.
- أصدقك القول أيتها الوردة أنك جعلتني كمن يقرأ رواية كلما أوشكت فصولها على الانتهاء تشابكت خيوطها من جديد وتعقدت ونأت عن الحلّ..
- ههههه ..أنا تلميذتك.. أعتز بذلك ولا يساورني ضعف في شخصيتي. .أنت علمتنا أنّ الأمم أخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا..وأنا لا أريد أن أذهب ..
على كلّ جازاك الله خيرا على تواضعك وقبول صداقتي ..وعلي الآن أن أغادر فقد حان وقت العصر...
أستودعك الله وأتركك في رعاية الله وحفظه .....
غادرتني الوردة ذات اللون الأحمر القرمزي القاتم، وتركتني في حيرتي ولم تسفر عن وجهها.. ولكنيّ تعلمت منها الكثير.. فقد منحني لونها الإحساس بالدفء، وساعدني على التخلص من الرتابة، وزادني حيوية..
غادرتني وقد حملتني مسؤولية تنوء بحملها الجبال الشمّ الرواسي ..فشكراً لك أيتها الوردة الحمراء..

الوردة الحمراء.. العجيبة



لست من هواة جمع الورود، وإن كنت أعيرها اهتماما بين الحين والآخر، غير أن وردة حمراء غريبة الأطوار صادفتني على غير موعد مني.. لعلك أخي القارئ تتساءل عن سرّ الغرابة في هذه الوردة الجميلة..
الغرابة أنها وردة تختلف عن بقية الورود .. وردة متحجبة.. نعم متحجبة لا بملاءة من الحرير بل بدولار.. لم أعرها انتباهي في بادئ الأمر.. ولكنها ظلت تستفزني في كلّ مرة ألتقيها وتطلب صداقتي وبعد لأي قبلتها صديقة لي ودار بيني وبينها حوار أبيت إلا أن أنقله إليكم لتعلموا أن للورد لغة يمكن لبني الإنسان أن يفهموها إذا ما أصغوا

على كلّ جازاك الله خيرا على تواضعك وقبول صداقتي ..وعلي الآن أن أغادر فقد حان وقت العصر...
أستودعك الله وأتركك في رعاية الله  وحفظه .....
غادرتني الوردة ذات اللون الأحمر القرمزي القاتم، وتركتني في حيرتي ولم تسفر عن وجهها.. ولكنيّ تعلمت منها الكثير.. فقد منحني لونها الإحساس بالدفء، وساعدني على التخلص من الرتابة، وزادني حيوية..
غادرتني وقد حملتني مسؤولية تنوء بحملها الجبال الشمّ الرواسي ..فشكراً لك أيتها الوردة الحمراء..

المؤمن بأخية


المؤمن بأخيه:
المؤمن اسم فاعل يدل على من اتصف بصفة الإيمان واصطبغ به، وكما نعرف أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، بمعنى أن الإيمان على الرّغم من وجوده في قلب الإنسان إلا أنه لا بُدّ من أن يتجلّى على سلوكه قولاً وفعلاً وسلوكاً وتفكيراً.
فهو أشبه بالحُلّة التي يتزيّن بها المسلم، وكلما كان إيمانه قويا كانت حلّته أزهى وأجمل، إذ ينعكس الإيمان خشوعا في صلاته، وتواضعا لإخوته، وأمانة في تعاملاته فلا غش ولا احتكار ولا كذب...
هذا هو السلوك الذي يجب على الأحباب أن يكونوا عليه، فهم مرآة لطريقتهم وَعَوْا أمْ لمْ يعُوا فالناس ينظرون إليهم على أنهم دُعَاةٌ والدّاعية يجب أن يطابقَ حَالُهُ مقالُهُ.
ولكنّ هذا الإنسان لا يعيش إلاّ في مجتمع، والسّيرُ على الطريق يحتاج إلى الرفقة الصالحة وجب عليه أن يعرف من يُخالِلْ، فالمرْء على دينِ خليلهِ.
ودائما نردّدُ: (المؤمنُ بأخيه) ومعنى هذه العبارة عظيم فالأخ يشدّ من أزْر أخيه ويعينه على الاستمرارِ على الطاعة والهُدى، يوجّههُ إلى سواءِ السبيل، ينتقدهُ ويقوّمه وعلى الأخ قبولِ النصْحِ وليَكُنْ لسانُ الحالِ منهُ مرَدّداً: (رحمَ اللهُ امْرَأً أهْدَى إلِيَّ عُيوبي)
نخلصُ من كلّ هذا إلىَ العلاقةَ بين الإخوانِ في الطريقِ وإنْ كَان فيها تنافسٌ على تقدِيمِ الأفضلِ والأحْسَنِ لقوله تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
إلاّ أنه لا بدّ من التكاملِ بين الأحْبَابِ وجَمْعِ كلّ الطاقاتِ الموجودَة لخدمة الأهْدافِ المسطّرَة، وليَكُنْ الشيخُ هو البوتقة التي تجْمَعهم جَميعاً والتعاون بينهم هو المدد أي المساعدة ونصرة بعضهم لبعض.

الأربعاء، 9 فبراير 2011

أبناءنا الطلبة:


إن الأمة لا يمكنها أن تخطو خطوة واحدة نحو التقدم دون أن تمتلك رصيدا كبيرا من العلم والمعرفة ذلك لأن العلم هو الأساس الذي تقوم عليه أي تنمية وأية حضارة، لذلك وجب أن يعطى الأهمية الكبرى لبناء النفوس الكريمة، وتعمير الأرض علما وأدبا ومحبة.  ونرجو من الله بأن يجعل عامنا عاما ناجحا ومثمرا، وأن يعُمّه الودّ والمحبة، التربية والعلم.

 فقد تبني الأمة ما تبني من الديار وتشيد ما تشيد من المصانع ولكنها بدون المدرسة قشرة بدون لب وجسم بلا روح، فالمدرسة هي روح الأمة، وهي مركز الإشعاع الفكري، والعلم هو الوقود الذي يوقظ الهمم وينير العقول، ويقوم النشء، ويقود إلى  صناعة الإنسان وتـنـمية ملكـاتـه والأخــذ بيده نـحو سبل الابتكار والإبداع في الدنيا، ويقود إلى الجنة في الآخرة كما دل على ذلك حديث أبي هريرة t أن رسول الله r قال :" ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلي الجنة " رواه مسلم .

أبناءنا الطلبة:
إن سفينة الموسم الدراسي قد بسطت أشرعتها في بحار العلم بحثا عن درره ولآلئه، فكونوا أول المبحرين، وتحلوا في سبيل تحصيل العلم ببذل الـجهود، والإقبال عليه بكل صبر وأناة وتضحية. فأنتم رجاء الـجزائر، وأمــل الأمة، ومستـقـبـلها.
فلا تكتفوا بالمراتب الدنيا ولكن اسعوا لتكونوا في صدارة الناجحين المتفوقين الذين يحققون أعلى نسب النجاح.
(وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)

مناجــــــــاة !!


رب.. أأنت مني بعيد فأنادي.. أم أنت قريب فأناجي؟؟
 أنا محتار فاهدني..
أنا ضالّ فخذ بيدي..
 أرني مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ واجعلني مِنَ الْمُوقِنِينَ
يا ربّ  أنا في ظلمة هذا الليل الدّاجي..
أرفع إليك أكفّ الضراعة وأناجي..
اهدني.. اهدني.. اهدني
***
هذا كوكب منير
وذاك قمر مضيء
وتلك الشمس بازغة
يا من وسعت كُلَّ شَيْءٍ علماً
لئن لَّمْ تَهْدِنِي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ...
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لك يا فاَطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ؟؟؟
إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
***
ما هذا النجم؟؟؟  إنه الفجر ... نعم إنه الفجر... الفجر الصادق ...هذه المرة، فطالما كذّبتنا  نجوم الليل... لقد أخذ الليل ينجلي وآن للشمس أن تشرق .. آن للشمس أن تشرق.. ويرتفع الضحى...

علي أن أتهيأ لاستقبال النور الذي سيغمر هذا الكون.. فلابد أن يشرق الفجر في قلبي كما يشرق على الناس ... هذا النور الذي جاء به هذا الرجل الفقير.. اليتيم ..

***

عجيب كيف استقبلَ أيامه في هذه الدنيا؟؟؟
 لقد ولد أبوه وصار أحب الناس إلى أبويه وفتنا فيه فتنة إبراهيم بابنه إسماعيل، خرج إلى الشام ولم يعد بل دفن في طيبة..
****

 وكأنه ولد لينقل ابنه إلى الأرض، ولدته آمنة أمه وقامت عليه حتى إذا استغنى عن خدمة الأمهات لحقت بوالده فظل يتيما ضالا لا يرعاه إلا من اصطفاه لما يريد...
 إنه محمد رسول الله..
 يا لها من كلمة حلوة المجرى على اللسان..
 ما أحسن ما كوفئنا به بعد طول انتظار..  
جاءه الوحي صادقا كوضح النهار... فكانت رؤياه كفلق الصبح...

***
بأبي أنت يا رسول الله كم لقيت من قومك العنت..
يا لحزمك وعزْمك ويقينك وإيمانك وتصميمك على أن تنهض بالأمانة وتؤدي الرسالة مهما كانت الخطوب.. ليتني كنت حاضرا فأنصرك...
 ماذا أقول؟؟ لقد انقدح نور الإيمان في قلبي.. أنا حاضر معك .. سأنصرك يا حبيبي يا رسول الله سأنصرك يا رسول الله سأنصرك يا رسول الله...
ولكن كيف ؟؟ أنصرك ؟؟ أي سؤال هذا الذي أطرحه ؟؟ وما أسهل إجابته
أنصرك باتباع هديك... وإحياء سنتك واقتفاء أثرك..


حبُّ الوطن من الإيمان


حب الأوطان والتعلق بها غريزة جبل عليها الإنسان في كل مكان على وجه المعمورة، ومهما كانت هذه الأوطان فإن أبناءها المنتسبين إليها يعشقونها ويهيمون بها ولا يرضون عنها بديلا، بل إنّهم ليرخصون أنفسهم وأموالهم وكلّ ما يملكونه ويقدمونه فداء لها، ولذلك رسم القرآن الكر يم صورة للتعلق بالأوطان، استوى فيها عند من يحبّ وطنه ويتعلق به بين أن يقتل نفسه وبين أن يخرج من وطنه فقال: (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم).
أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد جعل من حب الأوطان جزءا من أجزاء الإيمان حين قال: " حبّ الوطن من الإيمان "
   وقد حفلت قصائد الشعراء الجاهليين ومن سار على منهجهم بالوقوف عند الديار والبكاء على أطلالها حتى صار ذلك تقليدا تنبني عليه القصيدة ومنهجا ينبغي على الشاعر سلوكه في مستهل قصيدته، ويرى كثير من النقاد أن الشاعر الجاهلي امرؤ القيس هو أول من سنّ هذه السنة، فهو الذي وقف واستوقف الصحب عند الديار وبكى واستبكى:ٌ
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنــزل
*
بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْمـــلِ
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهـــاَ
*
لما نسجتْها من جَنُوب وشمـــــــلِ
وها هو يعبر عن الحالة التي أوصله إليه البين والبعد عن الأوطان ومن سكن تلك الأوطان فيقول:

كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّــــــــوا
*
لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظــــلِ
وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُــــــمْ
*
يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمـــــــّل
وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقــــــــــــة
*
فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعــــوَّلِ

 وقد فسر الناس عاطفة حب الأوطان وعشق البلدان، فاعتبرها البعض علامة الرشد، وأمارة البر، ورقة القلب، وسمة الرحمة ورمز الكرم، وصاغوا ذلك حكما تناقلتها الأجيال، وحفل تاريخ الأمم بشواهد تدل على حب الناس لبلدانهم وتعلقهم بها، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي يحن إلى موطنه و الأرض التي تربى عليها والناس الذين عاش معهم، ويغادرها مرغما حزينا متألما ويلتفت إليها مخاطبا لها بأنها أحبّ بلاد الله له، ولولا أن قومها أخرجوه منها لما خرج...
أما الشعراء فهم ينابيع يترقرق ماؤها ثم يتسرب إلى القلوب فيملؤها سعادة وهناء لقد صوروا بشعرهم عمق تلك العاطفة وتجذرها في نفوسهم، فها هو ذا أحدهم يصف حبه وشوقه لبلده ولأهله مفضلاً ذلك على عظيم النعم ووافر الخير قائلاً:
ألا يا حبذا وطني وأهلــــــــــــــي
*
وصحب يحين يدخر الصحـــــاب
وما عسل ببارد ماء مـــــــــــــزن
*
على ظمأ لصاحبه يشــــــــــــــاب
بأشهى من لقائكم إلينــــــــــــــــــا
*
فكيف لنابه ومتى الإيــــــــــــــاب
 وها هو ذا حماد بن إسحاق الموصلي يصف حبه لبلاده وعشقه لها قائلاً:
أحب بلاد الله ما بين صــــــــــارة
*
إلى غطفان إذ يصوب سحابهــــــا
بلاد بها نيطت علي تمائـــــــــــــم
*
وأول أرض مس جلدي ترابهـــــا
 وهذا الشاعر شعر ضياء الدين الجماس قد ذابت نفسه شوقا وحبا لوطنه فيقول:

وَطَنِي يُجَاذبني الهوى في مُهْجَتِي
*
هُوَ جنتي هو مَرْتَعي هو مَسْرَحي
آوي إليه وملْءُ عـيني غَـفْــــــــوَةٌ
*
هُو من أحَلِّقُ فَـوْقَهُ بِجوانـحـــــــي
ما لا رأت عَيْنٌ ولا سَمِعَتْ بــــــه
*
فيه الحواري والملائكُ تَـسْتَحِــــي
أعـنابُـهُ مِنْ كلِّ داليَـةٍ دَنَـــــــــــت
*
عَسَلٌ يُداوي كلَّ جُرحٍ مُـقْـــــــرِحٍ
أنا مُرْسَلٌ في غُـرْبَةٍ بِمُهِـمّـَــــــــة
*
لا أرتجي إلاَّ الرضا هُو مَطْمَحِـي
في غربتي أحبَـبْتُ فِيـهِ أحِبَّتِــــــي
*
كلٌّ نُسبّحُ والحبيبُ بِمَسْبَحِـــــــــي
تسبيحُهُ يَـعْلو بروحي في السَّمَــــا
*
وذكرهُ مَزَجَ الهوى بِجـوارحـــــي
إني غَـريب لا أبالــي مَنْ أنــــــــا
*
فأناي قَـدْ ذابَتْ بِـهِ في مطرحــــي
يا جَـنَّةَ الفِردَوسِ كوني مَوْطِنـــــاً
*
حقّـاً لكلِّ مُوَحِّـدٍ أو مُفْلـِـــــــــــــحِ

وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي يعود إليه الحنين إلى وطنه ويستبدّ به وتنازعه نفسه إلى وطنه فيقول:
وطني لو شغلت بالخلد عنه ** نازعتني إليه في الخلد نفسي
وقريب من هذا المعنى نجده عند الشاعر إيليا أبو ماضي الذي كان يعيش في جنة الدنيا أمريكا وهو الذي قد ألجأ الفقر إلى الهجرة ليكون بائع سجائر في أحد شوارع القاهرة، ولكن تلك الجنة لم تكن لتنسيه وطنه لبنان رغم أن عيشه قد ضاق فيه فغادره على مضض وظل لهيب الحنين يتوقد بين جوانحه وينتظر علّ الله يمنّ عليه بصيف يقضيه بين ربوع لبنان أو شتاء فقال:
فقُلْتُ: يا ربُّ فصلَ صَيْفٍ في أرض لبنانَ أو شتــاءْ
فإنّني مهنا غريبٌ وليس في غُربة هنـــــــــــــــــــاء
فاستضحك اللهُ مِن كلامي و قال: هذا هُوَ الغَبــــَـــاء
فقال: ما أنت ذو جنون وإنما أنتَ ذو وفـــــــــــــــاء
فإنَّ لبنانَ ليس طَوْداً ولا بلاداً، لكنْ سمـــــــــــــــاء!

 والحديث عن الموضوع لا شك يثير في نفوسنا الكثير والأحاسيس والمشاعر وأترك للشاعر التغزوتي محمود عياشي القاطن بتجمع بقوزة التعبير عنها فهو الشاعر الذي نشأ في هذه القرية المنعزلة (آنذاك) فلا طريق يربطها بغيرها إلا مسالك شقها الرجال بسواعدهم عبر كثبان الرمال في صراع مرير مع الطبيعة، في قرية كان الظلام يلفها مباشرة مع آخر خيط من خيوط الشمس المودّعة كل يوم إلا من نور خافت ينبعث من شمعة تحترق مضيئة يعتصرها الألم فتغرق في دموعها حتى تنطفئ، أو من نور مصباح (الكانكي) الذي تصيبه الشرقة بين الحين والآخر فلا يعود قادرا على أن يرسل نوره فتغرق الحجرة بالظلام، فيستنجد الأهالي بنور القمر وقد لا يجدونه.. في هذه القرية .. نشأ الشاعر وأحب قريته التي لم توفر له شيئا من متاع الحضارة في تلك الأيام الخوالي.. وانتقل ليتعلم في الثانوية بقمار ومنها إلى قسنطينة طالبا جامعيا وهناك تفجرت ينابيع الشوق... إنها قريته بقوزة التي تداعب خياله ويزوره طيفها كل ليلة.. فيهيم بهواها.. فإذا هو قيس المفتون المعنى بحبّها فيجثم باكيا عند محرابها قائلا:

حبيبتي..تسمعين القلب يقتــــرب
_
فتضعين قلوبا خفقها طـــــــــــــــرب!
وتشفقين..وان الحب مملكــــــــة
_
جيوشها الشوق في أسوارها اللهـــــب
وتعطفين بموت كان أولـــــــــــه
_
صدّ ،. وآخره الإعراض والغضــــب
إني أموت إذن روحا على كبـــد
_
.. لك الحياة وقلب فيك مضطــــــرب
إني عاتب قلبا هانما كمــــــــــدا
_
هيهات ينفع فيه اللوم والعتـــــــــــــب
وكم مكثت حبال الطيف أرسلـــه
_
فيضا من الدمع مرسى عنده الطلــــب
وعشت مرتقيا أرجو مقابلـــــــة
_
ولو على البعد تلقاني فتحتجـــــــــــب
مني (قسنطينة)في سورها حرج
_
وأنت مؤتمن فيها ومغتــــــــــــــــرب
ألوت (بباتنة) الأهوال فانسلخـت
_
عنها المطامح، لا لقيا ولا نســـــــــب
وتلك بسكرة من بعد (قنطــــــــرة)
_
توحي إلينا بان الوعد يقــــــــــــــترب
أواه قد يئست عين وصاحبهـــــــــا
_
ينام ملء عيون فوقها الهــــــــــــــدب
والليل يرسل للعشاق راحتهـــــــــم
_
(بقوزة) الروح قلت: القلب واللقـــــب
هي التي عصفت بالقلب مذ دخلـت
_
عليه في بأسها التطهير والسحــــــب!
والنار صولتها والثلج بسمتهــــــــا
_
ووجهها الشمس والأقمار والشهـــــب
وشعرها الليل والأنهار دمعتهـــا
_
وعينها الخمر في كاساتها الحبـــــــب
فروها الرمل تندى منه راحتهـــا
_
وذلك الشاهق الولهان مرتقـــــــــــب!
والنخل منتصب كالجند محتدمــا
_
عند المغيب، وتلك الشمس تحتجـــــب
مياهها..نابسها دمن أحجارها دمـن
_
معللات لمن تجوله الحـــــــــــــــــــب
فهل يلام فؤاد  من صبابتــــــه ؟
_
أو يسأل العاشق المجنون ما السبــب؟
رحماك يا أملي من أسر غربتنــــا
_
ألم تكوني خيالا كله عجـــــــــــب ؟!؟
إن تقتلني فروحي لست أملكهــــــا
_
أو تطلقيني فأنت القيد..والسبـــــــــب!

هذه الأبيات ملهمة حبّ الوطن، موجهة إليكم أنتم أيها الشباب أينما كنتم وحيثما وجدتم على ربوع هذه البلدة الطيبة التي تفتح لكم ذراعيها وتتهديكم أجمل الباقات، وأحلى القبلات، وتدعوكم لتكونوا إخوة .. تتظللون بسمائها.. وتستمتعون بخيراتها.. وتكون سعادتكم بلمّ الشمل ونشر المحبّة والسعي الحثيث لتطويرها وبنائها..